شماس: خسائرنا خلال خمس سنوات بمعدل ٤٥ سنة وما زلنا نعمل

شماس: خسائرنا خلال خمس سنوات بمعدل ٤٥ سنة وما زلنا نعمل -- Aug 04 , 2025 5

صحيح أن القطاع التجاري قد خاب أمله من الانتعاش الموعود خلال موسم الصيف الحالي الا أن رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس يقول "إن التجار في بيروت ولبنان عامة متمسكون بالأمل ومصرون على متابعة مشوارهم الصعب رغم كل التحديات والمشاكل التي تواجههم لعل أبرزها مسألة الأجور والرواتب وتعويضات نهاية الخدمة بالإضافة إلى جملة من القضايا التي يعانون منها ويعاني منها الاقتصاد اللبناني عموما".

ويقول شماس عن خيبة الامل تجاريا بصيف واعد :

"اننا نشعر باحباط أكبر لأنه في اي بلد بالعالم وتحديدا لبنان القطاع الأول الذي ينتعش هو القطاع السياحي ويأتي بيع الخدمات في المرتبة الأولى ثم بيع السلع التي تحتاج الى ميزانية أكبر ويأتي الاستثمار في آخر القائمة في ظل الظروف المستقرة. لقد كان صيف العام ٢٠٢٢ جيدا على الصعيد السياحي وقد اعتقدنا بأننا بدأنا مشوار الانتعاش في لبنان لكننا للأسف عدنا الى الوراء في عامي ٢٠٢٣ و٢٠٢. اننا نعود في كل مرة إلى المربع الأول، لذا انا أتفهم أصدقائي في القطاع السياحي وانا احيي هنا النقيب طوني الرامي وبيار الأشقر وكل الزملاء لأنهم يؤدون دورا جبارا في إعادة أحياء القطاع السياحي وقد اقدموا على الاستثمار حيث إن أكثر قطاع مستثمر اقتصاديا هو القطاع السياحي. لقد جازفوا واستثمروا واقول"برافو". انهم يمثلون الواجهة الجميلة للبنان لكن عددا كبيرا منهم لديه امتدادات في الخارج ولهذا هم قادرون على تمويل مشاريعهم في لبنان إذ لديهم مداخيل من الخارج. أما القطاع التجاري فهو موجود فقط بالداخل ولهذا هو مرتبط ارتباطا وثيقا بالداخل".


وعن موضوع وجودهم في الخارج يقول:

"في حالة كانت هذه العلامات التجارية ملك التاجر الخاص لكن في حالتنا فالعلامات التجارية كلها ماركات عالمية لا سيما أن لبنان عرف بأنه يستورد أكثر من ٩٠% من حاجاته غير الغذائية. ان الماركات العالمية تمنح التاجر رخصة او امتيازا للعمل داخل لبنان. في الأيام السابقة اي قبل اندلاع الحرب السورية كان الوضع في لبنان جيدا رغم أن سوقه صغير، الا أنه يتميز باستهلاك كبير إذ ان اللبناني يحب العيش والبذخ. لكن كل هذا تغير عندما تغيرت الأوضاع وقد قلت في المجلس الاقتصادي الاجتماعي عندما تساءلت "هل الصيف في لبنان ولعان؟"أنه بالكاد بقوة ٥ امبير في القطاع التجاري . اليوم مع نهاية شهر تموز يؤسفني القول انه حتى قطاع المواد الأساسية كالغذاء وغيره لم يتحسن عن الأعوام الماضية فكم بالأحرى بالنسبة للقطاعات الأخرى التي تشكل ثلث القطاع التجاري؟! كانت آمالنا كبيرة خلال عيد الأضحى فجاءت الضربة الإسرائيلية لمنطقة الضاحية عشية العيد فكانت الانتكاسة سريعة ومباغته وقد تأثر الوضع التجاري بسرعة كبيرة وبشكل جذري. إن الأحداث حولنا في المنطقة تؤثر في لبنان وهي ثؤثر في المزاج العام الذي يؤدي دورا مهما إذ يوجد في الاقتصاد عاملان اساسيان يؤثران في النشاط التجاري وهما أولا الوقائع على الأرض مثل القدرة الشرائية والاموال الموجودة بين ايدي الناس ثم العرض والطلب. ان التوقعات أيضا لها دورها الكبير حيث يتوقع الناس أن تمتد الأحداث السورية إلى لبنان ولهذا توقف الكل عن الصرف وتطبيق المثل القائل "خبي قرشك الأبيض ليومك الاسود"ولهذا اخبار القطاع التجاري غير جيدة وغير مطمئنة فنحن لا ندري إلى أين نتجه. يوجد حاليا اشكالية كبيرة في لبنان تتعلق بموضوع حصرية سلاح حزب الله والعدوان الاسرائيلي واحتلاله لبعض النقاط في الجنوب، والكل يجمع على أنه يوجد سيناريوهان او ثلاثة للأمر وأكثرهم حلاوة بشع أيضا والكل اليوم متخوف من عودة الحرب وهذا أمر غير مستحيل باعتقادي. السيناريو الأول عبارة عن استنزاف او موت بطيء إذ عندما ينتهي الصيف ويشح الدولار سيتأثر الناس والاقتصاد بذلك. أما السيناريو الثاني فهو عبارة عن فتنة داخلية اذا لم يحدث تفاهم بين اللبنانيين وستتحول الأمور إلى صدام. السيناريو الأخير هو عودة الحرب وان تكمل إسرائيل عدوانها على لبنان. ان هذه السيناريوهات كلها مزعجة الا في حال بادرت الحكومة إلى وضع جدول زمني معين تبرز من خلاله للعالم مصداقيتها فنذهب إلى حيث يجب الذهاب. اليوم أمامنا فرصة تاريخية لن تتكرر ولبنان قادر على مفاجأة العالم ايجابا. ان وصول جوزيف عون إلى الرئاسة أمر ايجابي وحد اللبنانيين وقد انعش خطاب القسم آمالهم، ايضا تأليف الحكومة من عناصر وكفاءات مميزة ساعد أكثر على ذلك، كذلك تولي كريم سعيد حاكمية مصرف لبنان كان أمرا ايجابيا إذ انه شخصية مميزة وهو حاليا يفرض نظرته الثاقبة والصائبة. لقد تغير النفس الانتقامي من المصارف الذي كان موجودا في مشروع قانون هيكلة المصارف إذ ان الحاكم صوب الأمور نحو الاتجاه الإصلاحي. لقد كانت توجد مقاربة تصفوية وقد حولها الحاكم إلى مقاربة انقاذية. ان الحاكم اليوم يعمل على اصدار تعاميم اصلاحية كالتعميم ١٦٩الذي يحافظ على ما تبقى من سيولة واحتياط لدى المصارف. "


وعن تعميم زيادة السحوبات من المصارف ومساعدة بعض صغار المودعين على استرداد ودائعهم قال شماس :

"بلى . انها بداية جيدة وأمر إيجابي. يقول الحاكم انه اذا تأخرت ورشة الإصلاح فهو سيبدأ بتيسير أمور المودعين. اما التعميم ١٧٠ المتعلق باقتصاد الكاش غير المنظم فهو لتجنيب لبنان الوقوع في القائمة السوداء. انا اعتبر كل ما يقوم به الحاكم من الأمور الايجابية وهي بالتنسيق مع الخارج ورضاه والبرهان على ذلك ثناء الموفد الأميركي توم براك على التعميم عند صدوره واعتباره خطوة إيجابية. ان لبنان قادر على مفاجأة العالم ايجابا تماما كقدرته على مفاجأته سلبا أيضا. انا في الحقيقة اتكلم على الموضوع المالي لانه المحرك للتجارة. يشكل الاستهلاك في لبنان أكثر من ٧٥%من الناتج المحلي ولهذا تأثيره كبير جدا إذ ان انفاق الدولة اليوم في حده الأدنى والتصدير لا يزيد حجمه رغم كل الجهود الصناعية الهائلة التي بذلت في السنوات الأخيرة. لقد حدث عاملان خطران اولهما في الداخل وهو موضوع ارتفاع كلفة الطاقة والنقل والذي ضرب القدرة على المنافسة وثانيهما إقفال بعض الأسواق الخارجية لا سيما الخليجية أمام المنتجات اللبنانية لذا لم يبق الا الاستهلاك المحلي إلى جانب أن الاستثمار ضعيف جدا. لقد قال وزير الاقتصاد عامر البساط في المجلس الاقتصادي الاجتماعي انه على القطاع الخاص أن يستثمر خلال عشر سنوات ٨٠ مليار دولار وانا اعتبر هذا الأمر يعبّر عن طموح كبير جدا فلا مال لدينا والقطاع المصرفي لا يقرض الا باليسير جدا وضمن شروط صعبة ومعقدة جدا. انا طبعا لدي علامة استفهام كبيرة في موضوع الفجوة المالية إذ ان بعض النواب يخترعون اجتهادا من عندياتهم إذ يقولون اننا لا نستطيع ربط قانون الإصلاح المصرفي بقانون الفجوة المالية وهذا كلام غير دقيق وغير صحيح . ان البروفسور نصري دياب وهو أبرز الفقهاء في الموضوع الدستوري والقانوني في لبنان يقول ان هذا غير ممنوع وهو مسموح إذ ان معظم القوانين لديها مراسيمها التطبيقية واذا لم يصدر المرسوم فالقانون يتوقف وبالتالي اذا تم ربط قانون بقانون آخر فالقانون أسمى من المرسوم الذي يستطيع حاليا إيقاف قانون والمثل على ذلك موضوع الانتقال من تعويضات نهاية الخدمة الى المعاش التقاعدي اذ انه يحتاج إلى ١٣مرسوما تطبيقيا للسير به أي ١٣حاجزا".

اي أنه لن يطبق باعتقادكم؟

"سيطبق بعد سنة . لقد اجتمعنا مع وزير العمل الذي للحق يقوم بعمل جدي كبير لإتمام الأمر. انا اقول انه اذا كانت لدى مرسوم ما إيقاف قانون فقانون آخر قادر أن يؤخره أيضا. في حقبة الثمانينات من القرن الماضي على ايام الرئيس امين الجميل كان يوجد قانون خاص بالمحاكمات المدنية وقد صدر في شهر أيلول ١٩٨٣ وقد تم تأجيل تنفيذه إلى شهر تموز١٩٨٥ لذا يوجد سوابق بهذا الخصوص وبامكان القانون انتظار قانون آخر للبدء بالتنفيذ وقد نصحت الهيئات الاقتصاديه سابقا بالمبادرة بقانون الفجوة المالية لكن الحكومة وصندوق النقد فضلا العكس. اذا لم يبت الأمر بقانون الفجوة المالية فهذا يعني افلاس العدد الأكبر من المصارف وضياع حقوق المودعين. ان الأمر ليس مزحة . انا اعلم بوجود ١٠ نواب يحضرون لطعن في المادة ٣٧ وهم بذلك يعرضون الشعب اللبناني والمودعين لطلقة نارية بالرأس".


وحول افتتاح في بداية الصيف الواعد ٦٠ متجرا لماركات عالمية قال:

"أنه فعل ايمان يقوم به التاجر اللبناني الذي لم يستسلم قط . لقد دمرت متاجرنا على مر السنوات لعدة مرات فقمنا بترميمها فلا احد في لبنان يملك ارادة وإيمانا أكثر من التاجر البيروتي واللبناني عموما. ان أسواق بيروت هي انعكاس لقصة نضال حقيقية وانا أؤمن بأنه قريبا ستسترجع بيروت رونقها فالمطاعم فتحت والفنادق ترمم مما يشكل قاعدة اساسية للعمل كعائلة اقتصادية واحدة. ان المؤشرات تقول ان الحركة ستعود الى الوسط التجاري لذا بوركت جهود أسواق بيروت وجهود كل التجار فيه الذين يقومون بالعمل الصحيح وهم يعضون على جرحهم ويكملون المسيرة. في الحقيقة اذا تم رفع الحظر عن مجيء السعوديين إلى لبنان سيكون هذا مؤشرا ايجابيا لنقل البلاد من حالة سوداء إلى أخرى بيضاء. اعتقد في النهاية أن الأمور صعبة جدا لكنها سهلة في الوقت نفسه ".

وردا على كيف ستعوضون خسائركم خصوصا انه لا توجد بارقة أمل أمامكم؟

"في آخر خمس سنوات خسرنا بمعدل ٤٥ سنة ورغم ذلك لن نستسلم. صحيح أن عددا كبيرا من التجار قد اضطر الى الخروج من السوق لأسباب مختلفة بالإضافة إلى وجود التجارة الالكترونية، الا أن المتسوق اللبناني والسائح الخليجي والعربي يفضلون التسوق في لبنان بسبب مناخه العام غير الموجود في اي بلد آخر من العالم. نحن نعلم من خلال سفراء خليجيين أن شعوبهم لا سيما الفئة الشابة متشوقون للعودة إلى لبنان. ان لبنان لا ولن يموت والحل في النهاية هو حل سياسي واذا استطعنا الخروج من الحفرة فخذوا منا ما يدهش العالم."


جوزف فرح - الديار

أقرأ أيضاَ

عن الطاقة الشمسية في لبنان.. معلومات مهمة

أقرأ أيضاَ

لم تعد الهجرة شرطًا للوظيفة: فرص عمل لآلاف اللبنانين في شركات عالميّة